أدب الدعاء في الهدي النبوي

2015, الدعاء , الهدي, النبوي ,الاسلام أدب الدعاء في الهدي النبوي صورة: https://up.n4hr.com/uploads/1427233596341.jpg (https://up.n4hr.com/) أدب الدعاء في الهدي النبوي
2020, الدعاء , الهدي, النبوي ,الاسلام

أدب الدعاء في الهدي النبوي

خليجية

أدب الدعاء في الهدي النبوي


أمرنا الله عز وجل بالدعاء ووعدنا بالإجابة ، ثم عقب بقوله ـ عز وجل ـ : {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.. [غافر :60].. وعن أبى هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : (من لم يسأل الله يغضب عليه).. [رواه الترمذي].

لا تسألنَّ بُنيَّ آدم حاجة وسلِ الذي أبوابه لا تُحجبُ
الله يغضب إن تركتَ سؤاله وإذا سألتَ بُنيَّ آدم يغضبُ
ولما كان الداعي يناجي ربه ـ ملك الملوك ، المعطي المانع ، الرحمن الرحيم {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ}.. [غافر :3 ]ـ كان لزاما عليه أن يتأدب بآداب ليكون دعاؤه أقرب للقبول ، فبحسن الأدب يُلبَّى الطلب ، وبتتبع أقوال وهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يظهر لنا الكثير من آداب الدعاء ، ومنها :

الوضوء :
عن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال: (دعا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بماء فتوضأ به ثم رفع يديه فقال : اللهم اغفر لعبيد أبي عامر ، ورأيت بياض إبطيه فقال : اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس).. [رواه البخاري]. قال الحافظ : "يستفاد من الحديث استحباب التطهر لإرادة الدعاء".

استقبال القبلة :
ورد في استقبال القبلة في الدعاء من فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحاديث كثيرة منها : عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال : (لما كان يوم بدر نظر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا ، فاستقبل رسول الله القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه يقول : اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم آت ما وعدتني ..).. (رواه البخاري).

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: (جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : إن دوسا قد عصت وأبت فادع الله عليهم ، فاستقبل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ القبلة ورفع يديه فقال : الناس هلكوا ، فقال : اللهم اهد دوسا وائت بهم ، اللهم اهد دوسا وائت بهم).. [رواه أحمد].

وقد ورد من فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما يدل على جواز عدم التوجه إلى القبلة في الدعاء ، ولهذا قال القرطبي : " .. والدعاء حسن كيفما تيسر وهو المطلوب من الإنسان لإظهار وضع الفقر والحاجة إلى الله ـ عز وجل ـ ، والتذلل له والخضوع ، فإن شاء استقبل القبلة ورفع يديه فحسن ، وإن شاء فلا ، فقد فعل ذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حسبما ورد في الأحاديث .." .

رفع اليدين :
عن سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ قال: (إن ربكم حيي كريم ، يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردهما صفرا).. [رواه ابن ماجه].

الخشوع والتذلل وخفض الصوت :
عن هشام بن عروة ـ رضي الله عنه ـ قال : أخبرني أبي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ في قوله عز وجل:({وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا}.. [الإسراء: 110]، نزلت في الدعاء).. [رواه النسائي].

وعن أبى موسى ـ رضي الله عنه ـ قال : كنا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في سفر ، فجعل الناس يجهرون بالتكبير ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (أيها الناس أربعوا على أنفسكم ، إنكم ليس تدعون أصمّ ولا غائبا ، إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم).. [رواه مسلم].

قال النووي : " (اربعوا).. معناه : ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم ، فإن رفع الصوت إنما يفعله الإنسان لبعد من يخاطبه ليسمعه ، وأنتم تدعون الله تعالى وليس هو بأصم ولا غائب، بل هو سميع قريب ، وهو معكم بالعلم والإحاطة.. ففيه الندب إلى خفض الصوت بالذكر إذا لم تدع حاجة إلى رفعه ، فإنه إذا خفضه كان أبلغ في توقيره وتعظيمه .." .

وهناك مواضع يجهر فيها بالدعاء : كالدعاء في خطبة الجمعة ، وفي الاستسقاء ، وفي القنوت وغير ذلك من المواضع التي يناسبها الجهر .

البدء بحمد الله والثناء عليه ، والصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
عن فضالة بن عبيد ـ رضي الله عنه ـ قال : (سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجلا يدعو في الصلاة ولم يذكر الله ـ عز وجل ـ ولم يصل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : عَجِل هذا ، ثم دعاه فقال له ولغيره : إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ، ثم ليصلِّ على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ثم ليدع بعد بما شاء..).. [رواه أحمد].

فريق نسائي لإدارة حشود المسجد النبوي

فريق نسائي لإدارة حشود المسجد النبوي

خليجية
أكد قـائد القوة الخاصة لأمن المسجد النبوي العميد محمد بن وصل الأحمدي أن مأمورات التحري النسائي بالمسجد النبوي الشريف، يتم تدريبهن على إدارة الحشود وفن التعامل مع مختلف الثقافات داخل المسجد النبوي اللشريف وذلك عبر مدربات من جامعة طيبة وغيرها.وأوضح العميد الأحمدي أن لمأمورات التحري داخل المسجد النبوي الشريف جهودا لا تقل عن زملائهم من الرجال، حيث يقمن بحفظ الأمن داخل المسجد النبوي الشريف ويشاركن

الهجان يشهد احتفال ذكري المولد النبوي الشريف بقنا

الهجان يشهد احتفال ذكري المولد النبوي الشريف بقنا

شهد اللواء عبد الحميد الهجان محافظ قنا نائبا عن رئيس الجمهورية احتفالات المحافظة بالمولد النبوي الشريف بمسجد العارف بالله سيدي عبد الرحيم القنائي، وذلك بحضور الشيخ خالد خضر إبراهيم وكيل وزارة الأوقاف بقنا والعديد من القيادات الأمنية والتنفيذية والدينية بالمحافظة. وقدم محافظ قنا بالنيابة

المولد النبوي يوحّد خطب الجمعة في الأردن

المولد النبوي يوحّد خطب الجمعة في الأردن
الخطب ركزت على الحديث عن مناقب وخلق النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يصادف ذكرى مولده يوم غد السبت.

إيقاف جسر الصافية الجديد لتعارضه مع توسعة المسجد النبوي

إيقاف جسر الصافية الجديد لتعارضه مع توسعة المسجد النبوي

خليجية
بعد مضي أربع سنوات من بدء العمل في مشروع إنشاء جسر الصافية الجديد في المدينة المنورة تحت إشراف هيئة تطوير المدينة المنورة، وقبيل حلول موعد استلامه بشهر واحد فقط، أوقفت وزارة المالية العمل فيه بحجة تعارضه مع مشروع توسعة المسجد النبوي الشريف، وبدأت الآليات والمعدات العاملة في مشروع الجسر بمغادرة الموقع تمهيدا لإزالته بناء على طلب الوزارة.وأوضح لـ «عكاظ» أمين هيئة تطوير المدينة المنورة الدكتور ط

الصلاة على المبتعث المغدور "القاضي" بالمسجد النبوي السبت

الصلاة على المبتعث المغدور "القاضي" بالمسجد النبوي.. السبت

خليجية

أعلنت أسرة المبتعث السعودي المغدور في الولايات المتحدة، عبد الله بن عبد اللطيف القاضي، تشييع جثمانه السبت المقبل، حيث سيُصلى عليه في المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة. وأوضح أحمد القاضي، شقيق المبتعث الفقيد، الخميس (23 أكتوبر 2024) عبر صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن الصلاة على أخيه ستكون في المسجد النبوي الشريف، وسيوارى جثمانه الثَّرى في مقبرة البقيع في المدينة المنورة. وقال القاضي في نعي أخيه: "بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره تنعي أسرة القاضي ابنها وفقيدها الشهيد بإذن الله عبد الله بن عبد اللطيف القاضي وسيصلى عليه يوم السبت بعد صلاة الفجر في المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة وسيوارى جثمانه الثرى في مقبرة البقيع بالمدينة المنورة (إنا لله وإنا إليه راجعون)". وأضاف حول قبول التعازي: "تقبل التعازي للرجال والنساء بداية من يوم السبت (من الساعة 4 مساء إلى الساعة 9) في حي الدوحة الشمالية بالخبر بجانب مسجد أبو بكر الصديق رضي الله عنه" داعيا الله أن "يتقبل شهيدنا ويسكنه الفردوس الأعلى".

صرف تعويضات "توسعة المسجد النبوي" يُشعل الخلاف بين "المالية" والملاك

صرف تعويضات "توسعة المسجد النبوي" يُشعل الخلاف بين "المالية" والملاك

خليجية

أمهلت اللجنة المختصة بفصل التيار الكهربائي، عن العقارات المنزوعة لصالح مشروع توسعة المسجد النبوي، ثمانية أيام إضافية لملاك العقارات، بعدما ظهر خلاف بين الملاك والمالية، حيث يطالب الملاك بصرف التعويضات قبل مغادرة عقاراتهم، ووزارة المالية تشدد على الإخلاء أولا ثم الصرف. وبحسب ما ذكرته "عكاظ" الخميس (30 أكتوبر 2024)، فإن عددا من ملاك العقارات الواقعة ضمن المرحلة العاجلة للإزالة، تعرضوا لقطع التيار عن منازلهم قبل إخلائها، لعدم تمكنهم من إيجاد مساكن بديلة، بسبب عدم صرف التعويضات المقررة لهم ليتمكنوا من شراء عقار آخر أو حتى إيجار شقة مؤقتة. وأوضحت مصادر في فرع وزارة المالية بالمدينة المنورة، أن تأخير الصرف يرجع إلى عدم استكمال وتسليم جميع المستندات للفرع، مؤكدة أن الصرف لا يتم إلا بعد تسليم العقارات، مشيرة إلى أن من يدعون تأخير صرف التعويضات لم يكملوا جميع المعاملات المشروطة للإفراغ. من جهته، اقترح الخبير العقاري حامد الجهني، حلًا منصفًا للملاك وهو تعويضهم في الوقت الحالي بأراض في مخططات جاهزة للإعمار مع صرف قيمة التعويضات لهم عاجلا. ولفت الخبير العقاري، النظر إلى وجود أراض بيضاء عديدة داخل حدود المدينة المنورة في طريق العيون وطريق المطار من الممكن أن يتم تعويض عدد كبير من أصحاب العقارات المنزوعة فيها.

خطبة الحرم النبوي 5 / 7 / 1445هـ الشيخ حسين آل الشيخ

خطبة الحرم النبوي 5 / 7 / 1436هـ (أسباب دفع العقوبات)الشيخ حسين آل الشيخ

خطبة الحرم النبوي 5 / 7 / 1445هـ (أسباب دفع العقوبات)الشيخ حسين آل الشيخ

بسم الله الرحمن الرحيم

أسباب دفع العقوبات

ألقى فضيلة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله – خطبة الجمعة بعنوان: "أسباب دفع العقوبات"، والتي تحدَّث فيها عن الفتن والمِحن التي تمُرُّ بها أمةُ الإسلام اليوم، مُؤكِّدًا أن الذنوب والمعاصِي أعظمَ الأسباب في الحال التي وصلَت إليه الأمة، ثم ساقَ أهم أسباب دفع العقوبات والنَّكبَات، مُحذِّرًا في ختام خُطبته من الشائِعات وترويجها.

https://www.youtube.com/watch?v=Sg6QfxLM3WQ

الخطبة الأولى

الحمد لله كاشِف البليَّات والحمد لله واسِع الرحمات وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فاطر الأرض والسماوات اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّنا ورسولِنا محمدٍ وعلى آله وأصحابِه إلى يوم الممات أما بعد

فيا أيها المسلمون أُوصِيكم ونفسي بتقوى الله جل وعلا فبالتقوى يجعلُ الله جل وعلا لنا من كل ضيقٍ مخرَجًا ومن كل بلوًى عافية ومن كل عُسرٍ يُسرًا معاشر المسلمين إن أمة المسلمين تمُرُّ بفتنٍ شديدة الخطر عظيمة الضرر مِحنٌ تمُوج وبلايا ترُوج ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ألا وإنه واجبٌ علينا جميعًا أن نتعامَلَ مع هذه المصائب بمُنطلق سُنن الله جل وعلا التي لا تتبدَّل ولا تتغيَّر قال جل وعلا إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ الرعد 11 وقال سبحانه ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ الأنفال 53 ما أعظمَه من توجيهٍ يُبيِّن سنةَ الله جل وعلا في خلقه ويُوضِّح أسبابَ النجاة من الأخطار وعوامِل الوقايةِ من الأضرار إنه المنهجُ الربَّانيُّ الذي يرسُمُ للأمة العلاجَ الواقِيَ لرفع العقوبات والدواءَ الشافِي لدفع البليَّات والسببَ الأوحدَ لحفظِ نعمة الأمن لجميع المخلوقات إخوة الإسلام من الأصول القطعيَّة أن الذنوب والمعاصِي سببُ حلول المصائِب وفنون النِّقَم ووقوع النَّكبات لجميع الأُمم وأن بالطاعة والتوبة تحصُلُ جميعُ النِّعم يقول ربُّنا جل وعلا فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ 3 الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ قريش 3و4 إخوة الإسلام أعظمُ أسباب دفع العذاب قبل وقوعه ورفعه بعد حُلوله التضرُّع إلى الله جل وعلا في كل وقتٍ وحين والافتِقارُ إليه سبحانه والانكِسارُ إليه لاسيَّما عند البلاء والإحَن واشتِداد المِحَن والفِتَن يقول ربُّنا جل وعلا وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ الأنعام 42 ويقول عزَّ شأنُه وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ الأعراف 94 كيف لا نتضرَّع إلى الله جل وعلا عند حُلول المِحَن وربُّنا هو القادرُ على رفع كل بلوَى أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ النمل 62 كيف لا نلتجِئُ إليه سبحانه عند الضرَّاء والبأساء وهو كاشِفُ كل ضرَّاء قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ 63 قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ الأنعام 63و64 إخوة الإسلام إن الالتِجاء إلى الله جل وعلا والتضرُّع إليه ظاهرًا وباطنًا قلبًا وقالَبًا هو منهجُ الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والتسليم وهو منهجُ عباد الله الصالِحين فلا غرْوَ فكلنا يعرفُ في كتاب الله جل وعلا قصةَ أيوب وقصة يونس عليهما أفضل الصلاة والتسليم ورسولُنا صلى الله عليه وسلم كان أعظم المُتضرِّعين وأفضل المُتقرِّبين يظلُّ ليلةَ بدرٍ داعيًا مُتضرِّعًا مُنكسِرًا إلى خالقِه جل وعلا وهكذا هو في كل حالٍ من أحواله عند أحمد والترمذي بسندٍ حسن أنه صلى الله عليه وسلم قال عرَضَ ربي عليَّ ليجعلَ لي بَطحَاء مكة ذهبًا فقلتُ لا يا ربي ولكن أشبعُ يومًا وأجوعُ يومًا فإذا جعتُ تضرَّعتُ إليك وذكرتُك وإذا شبِعتُ ذكرتُك وحمِدتُك ذكر ابن عبد الهادي رحمه الله أن شيخَ الإسلام ابن تيمية قال لأمير من أمراء الشام يا فُلان أوقِفني موقف الموت قال الأميرُ فسُقتُه إلى مُقابَلة العدو وهم مُنحدِرون كالسَّيل تلُوح أسلحتُهم من تحت الغُبار المُنعقِد عليهم ثم قلتُ له يا سيدي هذا موقف الموت وهذا العدو قد أقبلَ تحت هذه الغبرة المُنعقِدة فدُونك وما تُريد قال فرفع ابن تيمية طرفَه إلى السماء وأشخصَ بصرَه وحرَّك شفتَيه طويلاً ثم انبعَثَ وأقدمَ على القتال قال الأمير أما أنا فخُيِّل إليَّ أنه دعا عليهم وأن دعاءَه استُجيبَ منه في تلك الساعة قال ثم حالَ بيننا القتال والالتِحام وما عُدتُّ رأيتُه حتى فتحَ الله ونصَر وانحازَ التتارُ إلى جبلٍ صغير عصمُوا فيه أنفسَهم من سيوف المسلمين تلك الساعة معاشر المسلمين مما يُنذِرُ بالخطر أن يمُرَّ المسلمون بالخُطوب والكوارِث فلا يستكِينُون لرب العالمين ولا يَستجِيبُون ولا بطاعته يعملون بل في المعاصِي مُنهمِكون وعن شرع الله مُعرِضون فربُّنا جل وعلا يقول فيمن هذه حالُهم فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ الأنعام 43 حينئذٍ كانت العاقبةُ وخيمةً والمآلُ سيئًا فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ الأنعام 44 أي فتَحنا عليهم من الأرزاق والخيرات والمتاع المُتدفِّق بلا حواجِز ولا قيود استِدراجًا لهم حينئذٍ قال الله حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا الأنعام 44 أي غمرَتهم تلك الخيرات بعد البأساء والضرَّاء وفرِحوا بذلك بلا تضرُّعٍ لله جل وعلا ولا شُكرٍ ولا خشيةٍ له ولا تقوَى بل انحصَرَت اهتماماتُهم في اللهو واللعب والاستِسلام للشهوات المُحرَّمة وانهمَكُوا في أنواع الفساد المُختلِفة حينئذٍ تأتي السنَّةُ الإلهية وهي التي أخبرَ الله بها في قوله حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ 44 فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الأنعام 44و45 لأنهم أعرضُوا عن التضرُّع إلى الله جل وعلا بعد حُلول البأساء ولم تعُد النعمُ تُشكَر ولا الكُروب تزجُر ولا حُسن البيان يُرقِّق حينئذٍ تأتي سُنَّةُ الله جل وعلا نعم وإن كانت الأمةُ المحمديةُ أمةٌ مرحومة لا تُعذَّبُ بالاستِئصال الكامِل كالأُمم السابقة إلا أنها تُعاقَب حينما تُعرِضُ عن هذه السنَّة الإلهية تُعاقَبُ بما يحصُلُ من الشقاء والعناء والتفرُّق والاختِلاف حتى يكون بعضُهم يقتُلُ بعضًا ويسبِي بعضُهم بعضًا كما أخبرَ النبي صلى الله عليه وسلم في كثيرٍ من الأحاديث إن الواجب على الحُكَّام في مُؤتمراتهم والواجب على الإعلاميين في إعلامهم والواجب على المُحلِّلين في تحليلاتهم للواقع أن يصدُروا عن هذه السنَّة الإلهية وألا ينظُروا إلى الأمور المادية إنما ينظُروا إلى سُنَّة الله جل وعلا التي سطَّرها في كتابه فهي التي فيها النجاةُ والسلامةُ والفوزُ لهذه الأمة دُنيًا وأخرى بارك الله لي ولكم في الوحيين ونفعَنا بما فيهما من الهدي والبيان أقول هذا القول وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ فاستغفِروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمدُ لله العلي الأعلى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الآخرة والأولى وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه أفضلُ النبيين والمُرسَلين اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِه النُّجَباء أما بعد

فيا أيها المسلمون أُوصِيكم ونفسي بتقوى الله جل وعلا فهي وصيةُ الله لأولين والآخرين عباد الله الواجبُ على أهل الإسلام الاتِّحادُ والتعاوُن الاتِّحادُ على الحقِّ والتعاوُن على دَحر الباطِل وأن يتعاوَنوا على ردِّ المكائِد التي تُحاكُ لبلاد المُسلمين تهدُفُ لشقِّ وحدة الصفِّ والكيد للمُسلمين في عقائِدهم ودينِهم ومصالِحهم على المُسلمين جميعًا في مثلِ هذه الظُّروف أن يقِفُوا صفًّا واحدًا لكشف دسائِس الأعداء في الإفساد والتدمير ودحضِها وإبطالِها وردِّها الله جل وعلا يقول يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ النساء 71 على المسلمين أن يعلَموا أن بلاد الحرمين بلادُ أهل الإسلام جميعًا فليتكاتَفُوا على الحِفاظ على لُحمتها وجمع وحدتها وعلى أمنها واستِقرارها وأن يكون ذلك هو الخطُّ الأحمر لجميع المُسلمين إن ما يتبوَّؤُه الحرمان الشريفان من أمنٍ ورخاءٍ وعيشٍ سعيدٍ نعمةٌ على كل مسلم فعلى الجميع شُكر هذه النعمة وبذل كل غالٍ ورخيصٍ للدفاع عنهما والحِفاظُ على استِقرارهما وسلامتهما فذلك من أعظم الواجِبات وآكَد المفروضات على جميع المُؤمنين والمؤمنات الواجبُ على المسلمين جميعًا الحَذَر من الشائعات التي هي سبيلُ المُنافقين والكفار في تفتيتِ الصفِّ الإسلاميِّ إبَّان عصر النبوَّة فكيف بهذا العصر إن الشائِعات مسلَكٌ مذموم ومنهَجٌ يسلُكُه الأعداءُ والمُتربِّصون لحصول تحصيل الهزيمة المعنوية في قلوب المُؤمنين والوقوع في الفتنة والأمور المشينة للتأثير على المعنويات والعزائِم إن الواجب على أهل بلاد الحرمين وهم تُوجَّه إليهم سِهامُ الأعداء المُتعدِّدة أن يلتَفُّوا مع قائِدِهم خادم الحرمين الشريفين وأن يحذَروا الاختلافَ والفوضويَّة وأن يصدُروا عن علمائِهم الربَّانيين وأن يكون كل فردٍ جُنديًّا يحفظُ الله به الأمنَ والرخاءَ والاستِقرار مما هو من المقاصِد الضرورية التي يجبُ مُراعاتُها وحِفظُها والدفاعُ عنها خاصَّةً وقت الشدائِد والأزمات اللهم احفَظ بلادَنا وبلادَ المسلمين اللهم احفَظ بلادَنا وبلادَ المسلمين اللهم احفَظ بلادَنا وبلادَ المسلمين عباد الله إن أفضل ما تزكُو به أعمالُنا الإكثارُ من الصلاة والتسليم على النبيِّ الكريم اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا وسيِّدنا وحبيبِنا وقُرَّة عيوننا نبيِّنا محمدٍ اللهم ارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين أبي بكرٍ وعُمر وعُثمان وعليٍّ وعن جميع الآل والصحابةِ والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين اللهم أذِلَّ البدع والمُبتدِعين اللهم أذِلَّ البدع والمُبتدِعين اللهم عليك بالكفار المُحاربين اللهم عليك بالكفار المُحاربين اللهم عليك بالكفار المُحاربين اللهم كُن لإخواننا المُسلمين في كل مكان اللهم كُن لإخواننا المُسلمين المُستضعَفين في كل مكان اللهم كُن لهم في اليمَن وكُن لهم في سوريا وفي ليبيا وفي الصومال وفي أفغانستان وفي بورما وفي جميع كل مكانٍ يُصابُ المسلمون بالبأساء والضرَّاء اللهم أنزِل عليهم نصرَك اللهم أنزِل عليهم نصرَك اللهم فرِّج همومَهم اللهم اكشِف بلواهم اللهم اكشِف بلواهم اللهم عجِّل بتنفيس كُرباتهم اللهم عجِّل برفع الفتن والإحَن عنهم اللهم أنزِل عليهم نصرَك اللهم أنزِل عليهم فرَجَك اللهم أنزِل عليهم فرَجَك اللهم أنزِل عليهم فرَجَك اللهم أنزِل عليهم فرَجَك يا ذا الجلال والإكرام اللهم اجعل للمسلمين كل عزٍّ ونصرٍ وتمكين اللهم احفَظ بلادَ الحرمين اللهم احفَظ بلادَ الحرمين من كل سُوءٍ ومكروه وجميع بلاد المسلمين اللهم احفَظ بلادَ الحرمين من كل سُوءٍ ومكروه وجميع بلاد المسلمين اللهم اجمع كلمة المُسلمين في مصر وفي تونس وفي جميع بُلدان المسلمين على الحقِّ والتوحيد والسنَّة يا ذا الجلال والإكرام اللهم اجعَل المُسلمين في عيشٍ رغيدٍ اللهم اجعَلهم في عيشٍ رغيد اللهم اجعَلهم في عيشٍ رغيد اللهم اجعَلهم ينعَمون بالرخاء والاستِقرار اللهم اجعَلهم ينعَمون بالرخاء والاستِقرار اللهم احفَظ وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين اللهم احفَظ وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين اللهم احفَظ وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين اللهم وفِّقه لما تحبُّ وترضى اللهم وفِّقه لما تحبُّ وترضى اللهم وفِّقه ونائبَيه لما تحبُّه وترضاه يا ذا الجلال والإكرام اللهم اجمَع كلمةَ المسلمين على الحق والتقوى اللهم اجمَع كلمةَ المسلمين على الحق والتقوى اللهم أبطِل كيدَ الكائِدين ومكرَ الماكِرين يا حيُّ يا قيوم اللهم اجعل عملَهم في سِفال اللهم اجعل عملَهم في سِفال يا ذا الجلال والإكرام اللهم اغفِر للمُسلمين والمُسلِمات اللهم اغفِر للمُسلمين والمُسلِمات الأحياء منهم والأموات اللهم تُب علينا جميعًا اللهم تُب علينا جميعًا اللهم اجعَلنا لك من الشاكِرين ولك عند البأساء من المُتضرِّعين يا حيُّ يا قيوم اللهم آتِنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقِنا عذابَ النار اللهم فرِّج همومَنا وهمومَ المسلمين ونفِّس كُرباتنا وكُربات المسلمين اللهم اجعل لنا من كل عُسرٍ يُسرًا اللهم اجعل لنا من كل عُسرٍ يُسرًا اللهم اشفِ مرضانا ومرضَى المسلمين اللهم اشفِ مرضانا ومرضَى المسلمين اللهم أنزِل علينا رحمةً تُغنينا بها عمَّن سِواك اللهم أنزِل علينا رحمةً تُغنينا بها عمَّن سِواك اللهم أنزِل علينا رحمةً تُغنينا بها عمَّن سِواك اللهم أنت الغنيُّ ونحن الفقراء أنزِل علينا الغيثَ اللهم أنزِل علينا الغيثَ اللهم أنزِل علينا الغيثَ اللهم أغِثنا اللهم أغِثنا اللهم أغِثنا يا غنيُّ يا حميد يا ذا الجلال والإكرام عباد الله اذكروا الله ذِكرًا كثيرًا وسبِّحوه بُكرةً وأصيلاً وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالَمين

المصدر: مدونة التعليم توزيع وتحضير المواد الدراسية – من قسم: مدونة الشريعة الإسلامية

منقوووول

.

الأحد 4 يناير القادم اجازة المولد النبوي الشريف

الأحد 4 يناير القادم .. اجازة المولد النبوي الشريف
مسقط في 28 ديسمبر/ العمانية / أصدر معالي السيد خالد بن هلال بن سعود البوسعيدي وزير ديوان البلاط السلطاني رئيس مجلس الخدمة المدنية اليوم قراراً يقضي بأن يكون يوم الأحد…

خطبة الحرم النبوي 23 / 9 م 1445هـ د. عبدالباري الثبيتي

خطبة الحرم النبوي 23 / 9 م 1436هـ (العشر الأواخر وعيد الفطر) د. عبدالباري الثبيتي

خطبة الحرم النبوي 23 / 9 م 1445هـ (العشر الأواخر وعيد الفطر) د. عبدالباري الثبيتي


بسم الله الرحمن الرحيم

العشر الأواخر وعيد الفطر

ألقى فضيلة الشيخ عبد البارئ بن عواض الثبيتي – حفظه الله – خطبة الجمعة بعنوان: "العشر الأواخر وعيد الفطر"، والتي تحدَّث فيها عن العشر الأواخر من شهر رمضان، وما خصَّنا الله فيها من الخيرات والبركات والأعمال الصالحات، وحضَّ على اغتنامها والعمل فيها ابتغاءَ وجه الله تعالى، طلبًا لمرضاته، وخوفًا من عقابِه، كما بيَّن آداب وأحكام عيد الفطر في سطورٍ.

https://www.youtube.com/watch?v=-dzO3kStpgU

الخطبة الأولى

الحمدُ لله، الحمدُ لله الذي أودعَ شهر رمضان مزيدَ فضلٍ وأجر، أحمدُه – سبحانه – وأشكرُه أن خصَّنا بهذه العشر، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الخلقُ والأمر، وأشهدُ أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه شدَّ مِئزَرَه طلبًا لليلة القدر، صلَّى الله عليه وعلى آلِه وصحبِه كلما أضاءَ قمرٌ وأشرقَ فجر.

أما بعد:

فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
موسِمُ المواسِم، وكنزُ الفضائل، وموئِلُ الغنائم: هذه العشرُ المُبارَكة التي نزلَت بنا، نفحَاتٌ تُلامِسُ النفوسَ الزكيَّة، وذُنوبٌ تتحاتَّ من الأجساد الخاضِعة الذليلة، دعواتٌ تصعَد، ورحماتٌ تنزِل، وجِنانٌ تتهيَّأُ للصالِحين.
في هذه العشر سِباقٌ إلى رِضوان الله، وتسابُقٌ في ميادين الطاعة، والعُقلاءُ يعلَمون أن الأعمارَ قصيرة، والآجالُ غير معلُومة، والدخولُ في مِضمار السباق وميدان التنافُس يجعلُ المُسلم يتطلَّعُ إلى اللَّحاق بمن يفوقُه ورعًا وعبادةً ودعوةً؛ قال الله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) [الواقعة: 10، 11]، وقال: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) [البقرة: 148].

ومن سبقَ في الدنيا إلى الخيرات فهو السابِقُ في الآخرة إلى الجنَّات، ومن قصَّر في أول رمضان وأحسنَ في آخره، خيرٌ ممن أحسنَ في أوله وقصَّر في آخره؛ لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بخواتيمها».
والعشرُ الأواخرُ من رمضان أفضلُ من العشرين مُجتمِعة؛ كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يجتهِدُ في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهِدُ في غيرها، ويعتكِفُ فيها ويتحرَّى ليلةَ القدر.
قالت عائشةُ – رضي الله عنها -: كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا دخلَ العشر شدَّ مِئزَرَه، وأحيَا ليلَه، وأيقظَ أهلَه.
ثلاثٌ جُمل قصيرة تُبيِّن الهديَ النبويَّ في هذه العشر أجملَ بيان؛ فمع مهامِّ نبيِّنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – ومسؤوليَّاته لأمه، وواجبات دينه، وحقوق أُسرته، له شأنٌ آخر في هذه العشر، فهو في قيامٍ وقعُود، وصلاةٍ وسُجود، وذِكرٍ وتسبيح، يفعلُ هذا وقد غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه وما تأخَّر.

كان – صلى الله عليه وسلم – يُوقِظُ أهلَه، وهذه لفتةٌ تربويَّةٌ تقتضِي اهتِمامَ الآباء بشحذِ هِمَم أولادهم، وشحنِ عزائِم أُسرهم، فكما نحرِصُ على دُنياهم فالحِرصُ على أُخراهم أوجَبُ وأولَى.
تحفيزُ الأهل للعبادة، وإيقاظُهم يتطلَّبُ صبرًا على التربية، وبذلَ جُهدٍ في التوعية، وتحمُّل المسؤوليَّة، «كلُّكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيَّته».

وإن من الحِرمان والغفلَة: أن ينصرِف البعضُ عن أعظم مواسِم الخير والعبادة بالأسواق، واللهو، والنوم، وهذا من تلاعُب الشيطان وإغوائِه، قال الله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا) [الإسراء: 65].
وشدَّ مِئزَره كنايةً عن الاستِعداد للعبادة، والتشمير في الطاعة، والاجتِهاد فيها زيادةً على المُعتاد؛ فالوقتُ في العشر ثمين، والساعاتُ نفيسة، واللحظَاتُ غالية؛ فرُبَّ نفحَةٍ تنزِلُ بعادةٍ أبدية، ورُبَّ دعوةٍ تُستجابُ تغمِسُك في نعيم الجنة وأنهارها.

وأحيَا ليلَه أي: يقوم أغلبَه، قالت عائشةُ – رضي الله عنها -: "لا أعلمُ نبيَّ الله – صلى الله عليه وسلم – قرأَ القرآنَ كلَّه في ليلةٍ، ولا صلَّى ليلةً إلى الصبح، ولا صامَ شهرًا كاملاً غيرَ رمضان".
في العشر الأواخر تحلُو المُناجاةُ الخفيَّةُ لله بعيدًا عن الأنظار والأسماع، في المُناجاة يُخلِصُ القلبُ لله مُتخلِّيًا عن كل ما سِواه، مُتحلِّيًا بذُلِّ العبوديَّة لله، مع الإلحاح في طلب العفو والمغفرة من العفوِّ الغفور، وبالطمع والرجاء في طلب الرحمة من الرحمن الرحيم.

في المُناجاة يكونُ الحمدُ والثناءُ والشُّكرُ والدعاءُ والتقديسُ والإجلالُ لله؛ قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحبُّ العبدَ التقيَّ الغنيَّ الخفيَّ».
ولا يخفَى – عباد الله – أن أساسَ قبول الأعمال صلاحُ النيَّات، وإن العمل على تصحيح النيَّة وتنقيَتها من الشوائِب، خاصَّةً في هذه العشر، أمرٌ عظيمٌ، وله أثرٌ كبيرٌ، يرتقِي بالعمل مراتِب عُليا.
قال سُفيانُ الثوريُّ – رحمه الله -: "ما عالَجتُ شيئًا أشدَّ عليَّ من نيَّتي؛ فإنها تتقلَّبُ عليَّ وتتغيَّر وتتحوَّل".
النيَّةُ تقتضِي أن يكون فعلُ العبد وعملُه وصدقتُه وصلاتُه وقراءتُه خالصةً لوجه الله، من غير طلب مغنَمٍ أو جاهٍ أو سُمعةٍ أو غير ذلك من الأحوال الدنيويَّة، ولا يبقَى الله من العمل إلا ما كان خالصًا له وحدَه لا شريك له؛ قال الله تعالى: (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) [الزمر: 3].
وتعلُّم النيَّة أبلغُ من العمل؛ قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشُّركاء عن الشِّرك، من عملَ عملاً أشركَ فيه معي غيري تركتُه وشِركَه».
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ لي ولكم ولسائر المُسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهُ الأولين والآخرين، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه وليُّ المتقين، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين.

أما بعد:

فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].
بعد أيامٍ قلائِل تحتفِلُ الأمةُ بنعمةِ إتمام شهر رمضان، وتفرحُ بالعيد، الذي يُشرعُ فيه التكبيرُ من غروب شمس ليلةِ العيد إلى صلاة العيد.

كان ابن مسعودٍ – رضي الله عنه – يقول: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد".
وع ابن عباسٍ – رضي الله عنهما -: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر وأجلُّ، الله أكبر على ما هدانا".
وكان سلمانُ – رضي الله عنه – يُعلِّم التكبيرَ ويقول: "كبِّروا: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا".
يُسنُّ جهرُ الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت، إعلانًا بتعظيم الله وإظهارًا لعبادتِه وشُكره.

شرعَ الله لنا – عباد الله – زكاةَ الفطر، وهي طُهرةٌ للصائِم من اللغو والرَّفَث، وطُعمةٌ للمساكين، وتكونُ صاعًا من شَعيرٍ أو تمرٍ أو زَبيبٍ أو أرزٍ ونحوه من الطعام، عن الصغير والكبير، والذَّكر والأُنثى، والحرِّ والعبد من المُسلمين.
والأفضلُ إخراجُها قبل صلاةِ العيد، ويجوزُ إخراجُها قبل صلاة العيد بيومٍ أو يومين.
يُستحبُّ الاغتسالُ والتطيُّبُ للرجال قبل الخروج للصلاة؛ صحَّ عن سعيد بن جُبيرٍ – رضي الله عنه – أنه قال: "سُنَّةُ العيد ثلاث: المشيُ، والاغتِسال، والأكلُ قبل الخروج".

وكذا التجمُّل بأحسن الملابِس، وكان للنبي – صلى الله عليه وسلم – جُبَّةٌ يلبسُها في العيدين ويوم الجُمعة.
أما النساء فيبتعِدن عن الزِّينة إذا خرجنَ؛ لأنهنَّ منهيَّاتٌ عن إظهار الزِّينة للرِّجال الأجانِب، وكذا يحرُمُ على من أرادَت الخروجَ أن تمسَّ الطِّيبَ أو تتعرَّض للرِّجال بالفتنة.
وأكلُ تمراتٍ وِترًا قبل الذهابِ للمُصلَّى، وكان رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – لا يغدُو يوم الفِطر حتى يأكُل تمرات.
كما يُستحبُّ التهنئةُ بالعيد؛ لثبُوت ذلك عن الصحابة – رضي الله عنهم -، كقولك: "تقبَّل الله منا ومنكم"، وما أشبَه ذلك من عبارات التهنئة المُباحَة.

قال الله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].
ألا وصلُّوا – عباد الله – على رسول الهُدى؛ فقد أمرَكم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ على محمدٍ وأزواجه وذريَّته، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، وبارِك اللهم على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشِدين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن الآلِ والصَّحبِ الكِرام، وعنَّا معهُم بعفوِك وكرمِك وإحسانِك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الكفر والكافرين، ودمِّر اللهم أعداءَك أعداء الدين، واجعَل اللهم هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا وسائرَ بلاد المُسلمين.
اللهم من أرادَنا وأرادَ الإسلام والمسلمين بسُوءٍ فأشغِله بنفسِه، واجعل تدبيرَه تدميرَه يا سميعَ الدعاء، اللهم من أرادَنا وأرادَ الإسلام والمسلمين بسُوءٍ فأشغِله بنفسِه، واجعل تدبيرَه تدميرَه يا سميعَ الدعاء.
اللهم احفَظ وانصُر المسلمين في كل مكان، اللهم احفَظ وانصُر المسلمين في كل مكان.
اللهم مُنزِل الكتاب، مُجرِي السحاب، هازِم الأحزاب، اهزِم أعداءَك أعداءَ الدين، وانصُر المُسلمين عليهم يا رب العالمين، اللهم كُن للمُسلمين مُؤيِّدًا ونصيرًا وظهيرًا، اللهم إنهم جِياعٌ فأطعِمهم، وحُفاةٌ فاحمِلهم، وعُراةٌ فاكسُهم، ومظلُومون فانتصِر لهم، ومظلُومون فانتصِر لهم، ومظلُومون فانتصِر لهم يا قويُّ يا متين، يا عزيزُ يا جبَّار.

اللهم إنا نسألُك الجنةَ وما قرَّب إليها من قولٍ وعمل، ونعوذُ بك من النار وما قرَّب إليها من قولٍ وعمل.
اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرِنا، وأصلِح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي إليها معادُنا، واجعَل الحياةَ زيادةً لنا في كل خير، والموتَ راحةً لنا من كل شرٍّ يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألُك فواتِح الخير وخواتِمه وجوامِعه، وأوله وآخره، وظاهرَه وباطنَه، ونسألُك الدرجات العُلى من الجنة يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألُك الهُدى والتُّقَى والعفاف والغِنى، اللهم أعِنَّا ولا تُعِن علينا، وانصُرنا ولا تنصُر علينا، وامكُر لنا ولا تمكُر علينا، واهدِنا ويسِّر الهُدى لنا، وانصُرنا على من بغَى علينا.
اللهم اجعلنا لك ذاكِرين، لك شاكِرين، لك مُخبتين، لك أوَّاهين مُنيبين.
اللهم تقبَّل توبتَنا، واغسِل حوبتَنا، وثبِّت حُجَّتنا، وسدِّد ألسَنَتنا، واسلُل سخيمةَ قلوبِنا.
اللهم ابسُط علينا من بركاتِك ورحمتِك وفضلِك ورِزقِك.

اللهم اجعَلنا ممن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، اللهم اجعَلنا ممن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، اللهم وفِّقنا لبلوغ ليلة القدر يا رب العالمين، اللهم وفِّقنا لبلوغ ليلة القدر يا رب العالمين، برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم ارحَم موتانا، واشفِ مرضانا، وفُكَّ أسرانا، وتولَّ أمرنا، واختِم بالصالِحات أعمالَنا يا رب العالمين.
اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرنا لما تحبُّ وترضى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك برحمتِك يا رب العالمين.
اللهم وفِّق جميعَ ولاة أمور المُسلمين للعمل بكتابِك، وتحكيم شرعِك يا أرحم الراحمين.
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23]، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر: 10]، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90].
فاذكُروا الله يذكُركم، واشكُروه على نعمه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنَعون.

المصدر: مدونة التعليم توزيع وتحضير المواد الدراسية – من قسم: مدونة الشريعة الإسلامية

منقوووول

.